منتدي ابناء الشعراء الكبيرة
أهلا بك زائرنا الكريم، يسعدنا انضمامك إلينا فتفضل بالتسجيل

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدي ابناء الشعراء الكبيرة
أهلا بك زائرنا الكريم، يسعدنا انضمامك إلينا فتفضل بالتسجيل
منتدي ابناء الشعراء الكبيرة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دكتور محمود عبدالحفيظ

اذهب الى الأسفل

دكتور محمود عبدالحفيظ  Empty دكتور محمود عبدالحفيظ

مُساهمة من طرف عادل سعيد الباجوري الخميس فبراير 17, 2011 1:12 am


أحلام علاء عيسى
قراءة فى قصيدة واحدة
د. محمود عبد الحفيظ
كفر صقر . شرقية . منشية واكد
فى 13يناير 2006 م
************************************************** ********************************************

إلى كفر صقر ...
أهدى هذه المشاركة
محمود . ,,
************************************************** *************************************************
(1 )
عن سلسلة " أصوات معاصرة " صدر للشاعر "علاء عيسى " ديوان العامية " خيانة " سنة 2005 م ، فى سبعين صفحة ، وهو يضم الإهداء وست قصائد ، فأما الإهداء فهو :
" إلى المواطن المصرى
الآن .. وحدك تستحق جائزة نوبل فى الصبر "
وأما القصائد فهى على الترتيب ، ( خيانة ـ أبو طامع ـ من مواطن للحكومة ـ جحا العربى ـ شيئ لزوم الشيئ ـ إوعى تموت ) ـ
وقد اخترت قصيدة العنوان ـ خيانة ـ وهى الأولى فى الديوان ، فى محاولة للتعرف والفهم ، لقد طال الغياب والابتعاد ، والآن أعترف أنى لا أعرف شيئا عن الأدب فى " محافظة الشرقية " ، ولعلى ـ حين أقترب ـ أعرف وأفهم ..
*
وبين أشهر واقعين غالبين ـ فى عصرنا الحديث : أمريكا وبريطانيا ، وأشهر حلمين مغلوبين : صدام العراق وعرفات فلسطين ، بين هذين وهذين يطلق علاء عيسى أحلامه الصغيرة والكبيرة ليكتشف أنه يطلق الدجاج عند جحور الثعالب
وفى قصيدة " خيانة " ـ واختار عنوانها للديوان كله ـ
تأتينا أحلامه فى ثلاثة مقاطع ، مع ملاحظة أن هذه القصيدة وحدها تحتل ـ تقريبا ـ نصف الديوان ، فأما مقاطعها فتأتى هكذا :
الأول من صـ 6 إلى صــ 20 ـــــــــ 15 صفحــة
الثانى من صـ 21 الى صــ 29 ـــــــــ 9 صفحــات
الثالث من صـ30 إلى صــ 32 ــــــــــ ثلاث صفحات
وحين تفرغ من القراءة الثانية تكتشف أن المقطع الأول كان ( حلما يحاول أن يصير واقعا ) ، لكنه لا يستطيع ، تقول الحبيبة / الحلم :
" بطَّل تحلم
أوصافك صعبة
مافيهاش ولا واحد فى المية متوفر فينا
إحلم حلم يكون فى إيدينا
حلم يكون م السهل علينا "
لكن السهل ليس حلما ، والأحلام الكبيرة يتربص بها الواقع :
( " آخر حلمك بقى فى العين !!
وعشان بتخاف لَمراتك تلمحها ف عينك
ف تخبى صورتها فْ قلبك
ومراتك بالذات لو حسّت حد فْ قلبك غيرها
راح تعملَّك ألف حكاية
فتحاول تضغط ع الصورة فْ قلبك أكتر " )
وفى مقطع يمتد عبر خمس عشرة صفحة يمكن أن ينزلق شاعر العامية إلى الثرثرة ورص الأشياء ، لكن (علاء ) لا يثرثر ، إنما يمضى فى حلمه ـ صورته ، فى مواجهة الواقع ـ الأصل ، وهو ـ فى هذا المقطع ـ يقفز من حلم إلى واقع إلى حلم إلى واقع ، وإذا ما وافقنا وارتضينا أن يكون هذا المقطع ( للحلم الذى يحاول أن يكون واقعا ) ، فإن علاء عيسى يملأ فضاءه بالأحلام "
أبسط حق
إن الواحد يحلم "
لكن :
(بين الصورة وبين البنت
ومراتك بينهم
الصورة اللى ف قلبك
بتقول لك خاين
لمّا بتعرف إن مراتك عايشة معاك
نفس الشئ فى مراتك
لو عرفت إن الصورة ف قلبك
هاتقول لك خاين
يعنى ف كل حالاتك .... خاين )
من يخون الآخر ؟ الحلم أم الواقع ، صدام أم العراق ، عرفات أم فلسطين ، نحن أم أمريكا ، المرأة أم الزوج ، الأصل أم الصورة ؟ .. ومن مفردة " الخيانة " ينزلق بنا الشاعر إلى ختام هذا المقطع الطويل :

يعنى ف كل حالاتك خاين
الوقت كمان هايخونك
وهاتتأخَّر على مدرستك
والواد اللى بيعمل نفسه زميلك
واللى هوايته "مسح الجوخ" لمديرك
هاتزيد قدامه الفرصة
وهايمسك ودنه وهات يا كلام
وهكذا تهبط الأحلام من البيت وتصحب الشاعر إلى حيث يعمل , وهناك ـ فى المدرسة ـ يكون الواقع والخيانة , وفى آخر صفحة من هذا المقطع يمضى بنا الشاعر إلى الواقع بكل حضوره وثقله :
( إن رحت لقيت القبض -
- قول إن شاء الله -
إياك تنسى
دوا للبنت
عدى ع الدكتور بالمرة
كان بيقول محتاج لأشعة
" " " " " " " " " " " " " " " " "
" " " " " " " " " " " " " " " " "
البنت تقول لك : نفسى يا بابا آكل "لحمة"
تضحك طبعا
جاهلة البنت
لو عرفت
إن الكيلو سعره معدى حدود الصبر .
كانت تنسى معنى الكلمة
تتوقف لحظة
تطبع على بنتك بوسة وتمشى
وتخاف لَتشوف الدمعة ف عينك
ف تسرَّع أكتر )
وبهذا الهروب الباكى المنكسر ينتهى مقطع الأحلام الخائن ، وإلا فما الخيانة ، إلا أن تكون هروبا من واقع ظالم إلى حلم بعيد ..
وهكذا قلنا مقطع طويل ، ومن بعده يأتى مقطع أقل كثيرا ، ولعلى أضع أمامى الآن ما يقوله الدكتور صلاح فضل عن نص ثلاثى هو أيضا ، وهو يصطنع هذه الفروق الواضحة بين أجزائه ، يقول عن" ثلاثية غرناطة " لرضوى عاشور ، وكيف أن هناك معنى للتفاوت البين فى طول الأجزاء ، ( وعندما نستعرض عدد صفحات الثلاثية نفاجأ بأنها تمضى على نفس هذا النسق الهرمى المتناقص من القاعدة إلى الذروة ، فالجزء الأول يستغرق ( 305 ) صفحات ، والثانى (150) صفحة ، والثالث (110) صفحات ، ودلالة هذا الترتيب تلتقى بالضرورة مع مصير المملكة فى الانقراض والذوبان ) (1) ، ونحن نلحظ هبوطا فى آخر المقطع الأول :
تتوقف لحظة
تطبع على بنتك بوسة وتمشى
وتخاف لَتشوف الدمعة ف عينك
ف تسرَّع أكتر
هذا الهبوط فى آخر المقطع يسلمنا ـ بهروبه الباكى ـ إلى بداية المقطع الثانى ( تسع صفحات ) حيث تتصارع أحلام المقطع الأول مع واقع المقطع الثانى ، وقبل أن نتأمل بداية هذا المقطع نعود إلى بداية المقطع الأول وختامه ، فأما الختام فقد فرغنا منه حالا ، وأما البداية فتقول :
( بتسامح كل الناس
الاَّ انت .
وتضَّيع عمرك على غيرك
وتدَّور عنك فى الناس
تلاقيك ممنوع
أحلامهم بس المشروعة
وْحلمك مش مشروع
الناس فى بلدنا أحلامهم للتنفيس
أما التنفيذ
ممنوع
منعاً باتاً )
وبين التنفيس والتنفيذ حرف واحد , مساحة ليست شاسعة ، فلماذا هى شاسعة وملغومة بين الحلم والواقع ؟ هذا هو المقطع الأول : أحلام للتنفيس "وصغيرة " لا نملك أن نحقق حلمها فى أن تأكل ما فى نفسها.. لحمة !! .. فكيف يبدأ المقطع الثانى حيث تتصارع الأحلام والواقع :
تنزل من بيتك
وتبص بعينك ع الجرانين
لجل تدوَّر على أى قصيدة
يمكن( سهوًا ) تنزل لك حلـــم
أو حد يهمَّك
أو تقرا أخبار ع النادى بتاعك
تتصفح كل الجرانين

ماتشفشى . غير بس دراسة لناقد
عن واحد مابيعرفش شئ عن وزن الشعر الواقع
مابيعرفش غير الصوت العالى وبس

وحين يبدأ هذا المقطع بالفعل ( تنزل ) ، فإن هذا يعنى النزول من سماء الأحلام إلى أرض الواقع ، مع ملاحظة أن الشاعر يحلم بقصيدة تنشر على سبيل الخطأ ـ السهو ـ الصدفة ، أنه الآن يحلم بالشعر ، هو لا يصبر على طعام واحد ـ إن وجده ـ ، ها هو يحلم بشيء غير اللحمة والدواء والأشعة ، هو يريد وجوده الفنى ، الشاعر , يريد حقه فى أنه شاعر ، الواقع لا يعترف به إنسانا فليكن شاعرا ولو عن طريق السهو ، لقد (نزل من البيت ) كأنه يهبط مصرا ، وهاهو ـ فى نظر الواقع ـ يستبدل الذى هو أدنى بالذى هو خير، أن يكون صاحب قصائد منشورة ، قصائد يرفض فيها الواقع ويحلم بالأجمل ، ولسوف تضرب عليه الذلة والمسكنة ، وسيبوء بغضب الواقع الأدبى أيضا ، لن تنشر قصائده ، لا عمدا ولا سهوا ، وستنشر قصائد الآخرين ، وحين يبحث فى (الجرانين)عن قصيدة ، أو حتى عن أخبار ناديه الذى يشجعه ـ وهذا هروب ـ فإن الصحافة تصفعه بالواقع الكبير ، وكأنه نزل لينازل الواقع ، أو ليتنازل أمام الواقع :
(لسه "بلير" بيدافع عن نفسه قدام بريطانيا
أمريكا بتضحك ع العالم
عايزه المولد يفضل فاضى
ْوتعمل صاحبه
الدول التانيه بتضايق جدا
كانت تتمنى
لو حتى تأجر مراجيح فى المولد
_ صدام ع الشاشه "بْيتفلَّى
ـ عرفات مش راضى يسيب الأرض
حالف ليموت جوَّاها
ف يموت برَّه الأرض )
هذا هو الواقع / المولد ، ويمضى عبر هذا المقطع مع " الإعلام " الذى يقدم أحلاما كاذبة ويصدر بضاعة فاسدة ويجمل وجوها قبيحة ، إنه إعلام الواقع الذى ماهو بواقع ..
وبعد الشعر واللقمة وكرامة الرموز وعافية البدن ، لا يبقى إلا أن يعيش " آمنا فى سربه " ، هو لا يملك قوت يومه ، ولا عافية لابنته ، ولا كرامة لوطنه ، فليعش آمنا هو ، يقول :
( تنزل م العربية وعينك على أسود مانشيت يقابلك
"القوانين الرادعة للشغب"
ف تقابلك زحمة ...وسرينة إسعاف
وعيال بتدخل فى مطاوى وتجرى )
العيال هم الذين يدخلون فى المطاوى !!! وهكذا إلى آخر المقطع الثانى ، ذلك الذى حرم فى أوله من أن تنشر له قصيدة ، لقد سكت الإنسان ، فهل يسكت الشاعر :
فإن تمنعو ليلى وحسن حديثها
فلن تمنعو منى البكاء والقوافيا (2)
هذا ما يقوله ( توبة بن الحمير ) من زمن بعيد ، لا بد من البكاء والشعر ، ولم يبقى لعلاء عيسى إلا البكاء والشعر ، لكن النقاد يهينون الشعراء مرتين ، بل : يقتلون الجياد مرتين ، مرة بالتجاهل وإغلاق النوافذ أن تدخل إليهم الشمس أو يخرجوا إليها ، ومرة حين يعطون الأغبياء مفاتيح الجنة ... وفى هذا المقطع يغيب الأمن تماما :
( فجأة العربية توقف
عند مطب يلخبط كل الناس على بعض
وعيون الضابط
دايرة تبحلق جوه الصندوق
ويشاور على بعض الناس
تنزل )
وهذا ( نزول آخر ) من العربة ـ الصندوق ، وكان الشاعر قد نزل من البيت ، ولعلنا الآن ندرك ما قاله د. صلاح فضل عن هذا النزول مع مفردتى الانقراض والذوبان . ولا معنى لأن نسأل : إلى أين يذهب الذين ينزلون من الصندوق ؟؟
( 2 )
وحين يبدأ المقطع الثالث والذى هو الأخير ، والذى هو ثلاث صفحات ـ بهذه الجملة :
( سيرتك على كل لسان )
فماذا يتوقع القارئ / المستمع ؟؟ إن قصر هذا المقطع يذكر بنهايات القصائد القديمة ، حيث يضع الشاعر فى ختام القصيدة رؤيته ، خبرته ، توقيعه ، حكمة الحياة كما عرفها ، وغالبا ما يأتى هكذا مختصرا ومكثفا ، حكمة أو فلسفة أو درسا , هذا على مستوى الموضوع ، وعلى مستوى البناء الفنى والنفسى ، يقول الدكتور مصطفى سويف :
[ إن نهاية القصيدة تحتمها طبيعة فعل الإبداع من حيث إنه فعل متكامل ، له بداية وله نهاية ، .. ، والظاهر أن نهاية القصيدة تكون على الدوام ذات صلة واضحة ببدايتها ، وبذلك يتم للشاعر تحقيق فعل متكامل فى صميمه ، ينتهى فى موضع شبيه بموضع بدئه وإن لم يكن هو بالضبط ، لأنه عود إلى هذا الموضع بعد رحلة أكسبت الشاعر خبرات جديدة ] (3)
ولقد ختم علاء عيسى هذا المقطع الأخير بكسر البرواز الذي يحتوى الصورة ، وآخر القصيدة [ وتبص لربنا تستغفر ] , لكن : فلنبدأ من أول المقطع الأخير :
سيرتك على كل لسان
إسمك عَمَّال يتردِّد
كل الناس بتنادى عليك
تليفون م البيت
تدخل عند مديرك
تستأذن لجل ترد
عينك تلمح شكله مكشر
إيدك تدخل جوه ف جيبك
يدخل إسمك جوه الكشف
ف بيضحك لك.
بقى من حقك
مش بس ترد
لأ..وكمان تتكلم
حتى مديره فى العمل يعوق حلم الرد على مكالمة البيت ، وهذه عقبة صغيرة مادامت اليد قادرة على أن تمتد إلى جيب فيه بعض النقود , هى لا تقدر على أن تمتد إلى الأمام فى وجه الظلم ، فليكن إلى الجيب :
[تدخل إيدك جوه ف جيبك
يدخل إسمك جوه الكشف ]
وهذه لغة علاء عيسى , يكرر الفعل " تدخل " مع اليد إلى الجيب ومع الاسم إلى الكشف , هذا مترتب على ذاك , إنها يد عاجزة عن الامتداد إلى وجه المدير / الشارع / الجزار / العالم كله ..
والحمد لله :
( بقى من حقك
مش بس ترد
لأ
وكمان تتكلم )
لكن الواقع ـ ومنه كان الهروب وفى حقه كانت الخيانة ـ لا يترك هذا الحلم ولا يسلم هذه الفرحة للتمام :
[ ف بتزعل لما بتسمع كلمة
إحضر حالا
بنتك تعبت عند الدكتور
تستأذن
تصعب على كل الناس ]
وهكذا تعود البنت ـ صاحبة حلم اللحمة ـ بين حلمها الذى تجاوز سعره حد الصبر ، وهذا المدير المرتشى ، على أن للشاعر جماليات تعبيرية هنا ، فعلى مستوى الفن نجده بين :
" كل الناس " بتنادى عليك
تصعب على " كل الناس "
ولقد بدأ هذا المقطع بـ :
سيرتك على كل لسان
وتوقعنا شيئا ، لكن المقطع يمضى بنا سريعا إلى النهاية :
( محاليل تتعلق
يكتب غيرها تجيبها لا حظ فورية الاستجابة
تحاليل وأشعة
ودموعك تنزل
لحظة لما بتسمع عملية
تحزن لما تحس بجيبك فاضى )
هنا تنسحب كل الأحلام أمام الواقع الصارخ البشع ، والذى ملخصه أن الجيب فاضى ، ولا حظ هذا التعبير :
( تحزن لما تحس بجيبك فاضى )
لقد أنهك المدير ـ وكل مدير ـ كل الجيوب ، وأنهكت السيارة / الصندوق والمطبات كل الركاب ، وأنهك المرض صغيرته ، والنقاد الشعراء ، والجرانين القراء ، وأمريكا صدام وعرفات , وهاهى الأحلام التى اعتصمنا بها تترنح فى عيادة الطبيب ، وهنا تظهر الزوجة التى غابت وطال غيابها ، الأصل الذى أزاحته الصورة من الإطار :
[ ومراتك بتقاسمك حزنك
تخلع بإديها الشبكة
ما تسبشى غير الدبلة
المنقوش عليها أول حرف ف إسمك ]
وكنت أتمنى على ( علاء عيسى ) لو لم يذكرالسطر الأول :
( ومراتك بتقاسمك حزنك )
كنت أتمنى أن نفاجأ بها :
تحزن لما تحس بجيبك فاضى
تخلع بإديها الشبكة
ما تسبشى غير الدبلة
.... ، .... ، ..... ،
وسوف نعرف أنها الزوجة / الواقع / الأصل ، وها هى تظهر حين يتحتم ظهورها دون مقدمات ..
ونمضى مع الشاعر :
الدمع بيكتر جوه ف عينك
والصورة جواك تتخبى
ومن الجميل أن يرتب اختفاء الصورة على الدموع التى ترتبت على بيع الشبكة ، إنه فى الحقيقة يرتب توارى الصورة على ظهور الأصل الحلم عند حضور الواقع :
[ثوانى الوقت ساعات بتعدى
من وش الدكتور تطمن
تجرى تروح للبنت
الصورة تحاول تظهر
ف البرواز يتكسر
ف تدوس ع الصورة برجلك
وتشوف البنت النايمه جنب مراتك
تضحك لما تشوف البنت بتضحك
فتلاقى الصورة بتظهر
فيها مراتك ويا البنت
ف بتتنفس بيهم
و تبص لربنا تستغفر..]
ومن المؤكد سوف نعود إلى عنوان القصيدة ( خيانة ) فى ضوء هذا الاستغفار ، وهذه الصورة التى تجمع الزوجة والبنت التى هى غير ( البت بتاعتك ) فى أول مقطع ، وهنا يتنفس الشاعر بهؤلاء الذين يملأ ون الصورة الآن ، هذا كله فى ضوء ما يقوله مصطفى سويف عن نهاية القصيدة ، وكيف أن الشاعر يصل إليها [ بعد رحلة أكسبته خبرات جديدة ]
وتنتهى القصيدة بهذا الرجوع إلى الواقع حيث يتوحد الأصل والصورة ، وتصبح " ضحكة البنت "حلما واقعا وجميلا ، وكان لا بد من الاستغفار لتكون العودة بعد ال : خيانة
(3 )
بعد أن فرغت من قصيدة علاء عيسى برز أمامى قول الجاحظ :
[ والمعانى مطروحة فى الطريق ، يعرفها العجمى والعربى ، والبدوى والقروى ـ والمدنى ـ وإنما الشأن فى إقامة الوزن وتخير اللفظ وسهولة المخرج وكثرة الماء ، وفى صحة الطبع ، وجودة السبك ، فإنما الشعر صناعة وضرب من النسج وجنس من التصوير ] (4)
وهذا كلام قديم وجديد ، والشعراء يعرفونه ، والحق أن علاء عيسى يعتمد ـ فى هذه القصيدة ـ أدوات تعبيرية أخرى غير الصورة الشعرية التى نعرفها ، من تشبيه واستعارة ، إن له طريقة أخرى ، لقد كان يحكى ويتدفق ، وكانت الصورة ممكنة لو أرادها ، لكنه انشغل بحزنه ، فراح يحكى :
[عينها اللى بتسحر كل الناس
مش راضية تسيبك
انتهزت فرصة سرحانك
حلفت لَتصيبك
حست قلبك خالى
وْ سكنت فيه
ومَّا عنيها بتيجى ف عينك
يتاخد قلبك منك
فبتتاخد كل ملامحك
ألوان الطيف تتبعتر من على وشك
تنزل على طرف لسانك
ف لسانك يتلعثم منك
ومّا تقرب منك
دقات القلب تقرب من بعضيها
ف بتتزايد
ومّا تقرب منك أكتر
دقات القلب بتتباعد ]
هذا مايقوله علاء ، وهكذا يقول ، وليس عنده تلك الصورة التى تجدها كثيرة عند نبيل مصيلحى ، حين يقول ـ مثلا ـ
[ قطف ياريح الموت ورد الحياة
جوه المداين والقلوب
واعصر فى دم الصبح
طالت إيديك
طلل المدينة الماشية تحلم بالفرح والعيد
تاهت فى بطن الوجع مشاوير ] (5)
أو قوله :
( عيال فى شقوق المحن بتموت )
أو قوله :
وطنين النحل العربى
داخل صناديق الخوف
[ المرمية ف قلب صدور الأيام ]

وربما لن تجد عنده هذه الصورة التى عند حسين منصور :
[ حاول تعدى شقلباظ
اغزل جناحك بالأمل
ضفر حياتك بالطموح ] (6)
أو هذه الصورة :
أدارى الضل بإديَّه
واقطَّع فى الشقا بالفاس
وأتخيَّل وانا سارح مع الأنفار
أعبِّىالهم " بكريكى "
واشبل فى " القصعة " أحزانى
وارمى القصعة فين ماارمى
ألاقى الدنيا قاعدة لى ترجَّع قصعتى لبا ...
ْماليها الهم
أشيل الهم فوق كتفى
واعيش العمر
أترنَّح ...
مابين القصعة وكريكى ](7)
ومن المؤكد أنك لا تستطيع الإفلات من صور نبيل وحسين ،ومن المؤكد أنك لن تجد علاء عيسى حريصا على هذه الاستعارات ، لكنك ستجد [حرف الفاء ] يمضى سريعا بالأشياء والأحداث ...
والأحلام .. والأحزان ، ولا يكاد علاء يترك قارئه يلتقط بعض الأنفاس ، لقد أمسك به ولن يتركه إلا هناك ، فى السطر الأخير .. والحق أن حزن ( علاء عيسى ) فى قصيدة ( خيانة )
أعادنى إلى العلاقة بين " الحزن والفن " وكيف أن القصيدة ابن شرعى لهذه العلاقة ، وما أزال أحتكم فى هذه العلاقة إلى الدكتور طه حسين فى كلامه عن المتنبى وقصيدة الحمى ، يقول :
[ وهذه الميمية التى قالها حين أصابته الحمى فى مصر سنة ثمان وأربعون وثلاثمائة ، من أرق الشعر العربى كله ، وأعذبه وأرقاه ، وأشده استثارة للحزن ، وتحريقا للقلوب الحساسة الشاعرة ، وقد أعجب القدماء بهذه القصيدة ، لأن الشاعر قد برع فيها حين أراد وصف الحمى ، وليس فى هذا شك . ولكنى حين أحب هذه القصيدة وأكلف بها ، لا أكاد أحفل بهذه البراعة الفنية أو أقف عندها ، لأن حزن هذا الشاعر العظيم قد تجاوز الفن وصار أعظم منه وابعد مدى ، وأنفذ إلى القلوب والنفوس ، فأنا لا أرى شاعرا يصطنع الشعر ليصور ما يجد من لوعة وحسرة ويأس ، وإنما أرى اللوعة والحسرة واليأس تتخذ الشعر لها لسانا لتبلغ أسماعنا وتنتهى إلى قلوبنا .
وما أشك فى أن لهذه القصيدة قيمتها الفنية الخالصة ، ولكنى لا أشك فى أنها لم تكلف الشاعر من الجهد والعناء ما تعود أن يتكلفه فى غيرها من قصائده ، وإنما فاضت بها نفسه وانطلق بها لسانه وجرى بها قلمه فى غير تكلف ولا عسر ](Cool
وهذا ما أحسه فى (خيانة) علاء عيسى ، هو حزين ، لكنه لا يترك حزنه ولا يخرج منه ليبحث عن تشبيه هنا أو يلتقط استعارة هناك ، إنه يحكى فى حميمية وشجن ، حزين وساخر ، تلك السخرية التى تفجر الحسرات ، [ولما كان العمل الشعرى يصدر عن تجربة خاصة متميزة ، فإن كل قصيدة – بالتالى – تحتفظ لنفسها بشخصية مستقلة ومتفردة تفرد التجربة التى تعبر عنها ، وبمعنى آخر : إن لكل قصيدة خصوصيتها البنائية / التكوينية ، تتوزع عناصرها وتنتظم بحرية دون أن تخضع لاستراتيجية محددة سلفا ، فى ظل هذا الفهم تتخذ الصور الشعرية نمطا أو أنماطا لها تختلف من قصيدة لأخرى ، وتصبح القصيدة – نتيجة لهذا – بناءا متميزا عن غيره من أبنية القصائد الأخرى ](9)
وحين أمضى فى قراءة ديوان (خيانة) فسوف ألتقى - بالتأكيد – بصور شعرية ، مثل :
[خليك كدة
لابس عباية لانكسار
وادفن مشاعرك
خليك كدة جوة الحصار
خليك جبان ] ـــــ [ من قصيدة "جحا العربى" ]
فهل أعلن براءة الشاعر من دم الصورة الشعرية لأنه صنع استعارة : (بعباءة الانكسار) ؟
إن هذه الصور قليلة جدا فى هذا الديوان – وما قرأت غيره لصاحبه –
ولعلى أعلن أن شكل القصيدة هو الذى أخذنى إلى معناها ، وأنا من المؤمنين بأن الفن "إنما هو شكل يتكشف عن معنى"(10)
لقد جاء المقطع الأول فى 246 سطرا
والثانى فى 137 سطرا
والثالث فى 43 سطرا
وفى قراءة ثالثة لهذه القصيدة لوحظ أن (حرف الفاء ) الذى يفيد العطف السريع [ الترتيب والتعقيب] يسجل حضورا لافتا ، فهو يأتى :
فى المقطع الأول 36 مرة
وفى الثانى 7 مرات
وفى الثالث 6 مرات
وهذه مجموعها تسع وأربعون مرة ، لكن المقطع الأول يفرض نفسه على القصيدة حلما يحاول الانفلات ، ولا يكاد المقطعان الأوسط والأخير يتصارعان فقد كانا طريق الشاعر فى هبوطه إلى أعلى ، حيث العودة الآمنة - بعد الخبرة – إلى أحضان الواقع الذى يستحق أن نقاتل فيه وبه ومن أجله بدلا من خيانة الهروب ، لقد كان الحلم طويلا [246 سطرا] ، وكان الصراع مع الواقع فى [137 سطرا] ، ثم ظهرت البنت والأم فارتمى الجميع فى صورة اختارتها القصيدة ختاما لها :
(فتلاقى الصورة بتظهر
فيها مراتك ويا البنت
ف بتتنفس بيهم
وتبص لربنا تستغفر)

قدمت هذة الدراسة ضمن أبحاث المؤتمر الأدبى السادس بديرب نجم" شرقية " لهذا العام

عادل سعيد الباجوري
عادل سعيد الباجوري

عدد المساهمات : 28
نقاط : 72
تاريخ التسجيل : 10/02/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

دكتور محمود عبدالحفيظ  Empty رد: دكتور محمود عبدالحفيظ

مُساهمة من طرف عادل سعيد الباجوري الخميس فبراير 17, 2011 1:14 am

يس ، والنبأ العظيم وهل أتى ...حتى متى
وأنا وأنت ندور ما بين المقابر منذ أن طلع النهار
الشمس نار
والأرض نار
والقلب طفل حائر ما بين خطوك والقرار.
كل الصغار
فى هدأة الظل استكانوا يلعبون
وانا وأنت على صراط مستقيم ."
.................................................. .......................................
" بقالنا عشرين سنه بنقول حنبقى تمام ..
وبعد عشرين سنه فاتت كلام فى كلام .
فتحنا كشف الحساب نسأل عن الأخبار
قالوا عليه العوض خربت وألف سلام . "
.................................................. .................................................. .........
لعل ذاكرتى لم تخنى فى النقل أخى الحبيب وأستاذى دكتور محمود عبدالحفيظ ..فهذه الكلمات من ديوانك الأول " السفر إلى بيتنا القديم " اسمك لفت نظرى لقراءة هذا الموضوع ..فسرنى التعرف إلى هذا الشاعر الكبير والمبدع علاء عيسى ....اتطلع لنصوص أخرى لهذا الممتع مصحوبة بدراسة لا تقل امتاعاً وتضيف للنص قيمة من الشاعر الكبير الدكتور محمود عبدالحفيظ ...وباسم كفر صقر جميعها شكراً لك يا دكتور محمود...على هذا التشريف .


أخر تعديل بواسطة عبدالناصر بدوى المحامى ، 13-10-2008 الساعة 02:19 PM. السبب: اكمال النعنى


عادل سعيد الباجوري
عادل سعيد الباجوري

عدد المساهمات : 28
نقاط : 72
تاريخ التسجيل : 10/02/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

دكتور محمود عبدالحفيظ  Empty رد: دكتور محمود عبدالحفيظ

مُساهمة من طرف عادل سعيد الباجوري الخميس فبراير 17, 2011 1:18 am

كاتب الموضوع : علاء عيسى المنتدى : مكتبة القراءات النقدية
عادل سعيد الباجوري / الشعراء الكبيرة - مركز كفر صقر - شرقية
بتاريخ : 22-10-2008 الساعة : 09:47 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
قصيدة رائعة من شاعر متمكن له أسلوبه المميز ولا أود أن أخوض في القصيدة بنظرة نقدية لأنني لست متخصصاً ولكني من الهواة وحتي لوكنت محترفاً فلن أقول أكثر مما قاله حبيبي الفاضل الدكتور محمود عبدالحفيظ والذي أشتقت إليه فعلاً وذاد الشوق أكثر عندما قرأت له قصيدة عطر الفضفضة من ديوان قلب طالع ع المعاش حيث شممت فيها رائحة الشوق والحنين ألي تراب بلدي وذكرياتي فيها طالما أبعدتني سنوات الغربة عنها ( شجن البعاد لون عيون الليل بعطر الفضفضة
والذكريات بتخلي أنفاس الحياة تملا الفضا
وتنام علي شط الوجع تواريخ ينزل عليها الطل يغزلها حكايات
يخضر طعمك ياوجع ،،،،)
تحياتي الخاصة للشاعر علاء عيسي وتحياتي للدكتور الفاضل محمود عبدالحفيظ وتحياتي للأستاذ الفاضل عبدالناصر بدوي المحامي وشكرا لمنتدي أزاهير اللي جمع الأحبه حتي وإن كان علي الورق
مع خالص تحياتي عادل سعيد الباجوري
عادل سعيد الباجوري
عادل سعيد الباجوري

عدد المساهمات : 28
نقاط : 72
تاريخ التسجيل : 10/02/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى